الرد على شبهة رواية الحديث بالمعنى دون اللفظ

الرئيسية المقالات مقالات دينية

الرد على شبهة رواية الحديث بالمعنى دون اللفظ

الرد على شبهة رواية الحديث بالمعنى دون اللفظ
إن النبي - نفسه - صلى الله عليه وسلم - قد حث أصحابه أن يرووا عنه أحاديث باللفظ والمعنى، بل قد نهى من سمعه يبدل لفظاً مكان لفظ ردده الراوي، أمام الرسول – صلى الله عليه وسلم - في مجلس السماع.
فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ((مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًاً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))
فهذا تحذير شديد، ووعيد قاس على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإبدال لفظ مكان لفظ - مع التعمد - يندرج تحت الكذب على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث بلغ مبلغ التواتر الذي لا مثيل له، وقد اشتهر بذلك عند المحدثين فمن يا ترى - من أصحاب رسول الله، وهم الذين رَوَوْا لنا كل أحاديثه القوليه، وكل سنته العملية، من منهم يجرؤ على الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
وقال - صلى الله عليه وسلم - حاثا ومرغباً في الأمانة في النقل عنه : ((نضَّرَ اللهُ امرءًاً سَمِعَ مِنِّي شَيئًاً فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مْبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ)) .
فانظر إلى قوله: "فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ" إنه دعوة إلى نقل الحديث عنه بألفاظه ومعانيه، لا بمعانيه فحسب .
ومما يدل دلالة جلية على رواية الحديث بنفس لفظ النبي – صلى الله عليه وسلم – الحديث التالي :
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأ وُضُوءَكَ للصَّلَاةِ، ثُمَّ اضَّطجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن. ثُمَّ قُلْ :
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلم بِهِ)).
قال البراء : فرددتها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت : آمنت بكتابك الذي أنزلت" قلت : ورسولك الذي أرسلت.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا، ونبيك الذي أرسلت".
فانظر إلى أي مدى كان حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يكون تَحَمُّلُ الحديث وأداؤه عنه كما نطق به هو - عليه السلام - بألفاظه ومعانيه؟، لذلك لم يقر البراء ابن عازب أن يذكر ((رسولك)) مكان ((نبيك)) وأعاده إلى الصواب كما نطق هو، مع قرب معنى "رسولك" من معنى "نبيك" .
ونقول: إن ما حاولوا إثارة الشبهات حوله في السنة النبوية ، وهو روايتها بالمعنى ، لم يسلم منه الإنجيل ، فقد وردت في الأناجيل المتعددة اختلافات في العديد من القصص، مثلًا :
قصة دخول الرب إلى الهيكل ليطهره ولعن شجرة التين
فقد ذكرت الأناجيل أن المسيح – عليه السلام - دخل مرتين ليطهر الهيكل:
الأولى: في بداية خدمته وهذه ذكرها يوحنا.
والثانية: بعد دخوله إلى أورشليم يوم أحد الشعانين. فنلاحظ الآتي:
1- مرقس يورد القصة تاريخياً ؛ فالمسيح دخل للهيكل مباشرة بعد دخوله إلى أورشليم، ونظر للفوضى الموجودة، وخرج دون أن يطهر الهيكل، وفي الصباح لعن شجرة التين، ثم دخل الهيكل ليطهره، وكان هذا يوم الإثنين صباحاً، وفي يوم الثلاثاء صباحاً لاحظ التلاميذ أن التينة جفت.
‌2- متى يقول: إن المسيح دخل مباشرة بعد استقباله في أورشليم إلى الهيكل وطهره، وفي يوم الإثنين صباحاً لعن التينة؛ فيبست في الحال.
‌3- يورد لوقا قصة تطهير الهيكل، ولا يورد قصة لعن التينة، بل يورد قصة أخرى عن بكاء المسيح على أورشليم.
4- يورد يوحنا قصة تطهير الهيكل التي حدثت في بداية خدمة المسيح.
ولو كانت الأناجيل مروية باللفظ لما اختلفت فيما بينها ، وليس هذا هو الاختلاف الوحيد في الأناجيل بل هناك اختلاف في العديد من القصص مثل :
أولاً :اختلافهم في نسب المسيح وعدد آبائه :
من ذلك الخلاف في نسب عيسى عليه السلام ، فقد ورد نسبه في إنجيل متى مخالفا لما ورد في إنجيل لوقا، فإنجيل متى نسب المسيح إلى يوسف بن يعقوب، وجعله في النهاية من نسل سليمان بن داود.
أما إنجيل لوقا فنسبه إلى يوسف بن هالي، وجعله في النهاية من نسل ناثان بن داود عليه السلام.
وهذا مع تناقضه مخالف لما في إنجيل متى 1:23 (وذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ) فعيسى - عليه السلام - ليس له أب ، فنسبته إلى يوسف النجار مخالف لهذه الفقرة من أنه يولد من عذراء غير ذات زوج .
ثانيا : اختلافهم في عدد آباء عيسى عليه السلام:
فذكر إنجيل متى أنهم سبعة وعشرون أبًا ، في حين أن إنجيل لوقا جعلهم اثنين وأربعين أبًا، فبأي القولين نأخذ وأي الروايتين نصدق، علمًا أن الفارق كبير لا يمكن ترقيعه ، فليس أمامنا هنا إلا أن نؤكد بشرية هذا العمل (الأناجيل).
ثالثا : اختلافهم في تعيين حواريي عيسى - عليه السلام - ومن ذلك أيضًا : اختلاف إنجيل متى، وإنجيل لوقا في تعيين الحواريين أصحاب عيسى ، فإنجيل متى ذكر منهم لباوس الملقب تداوس ، بينما لا نجد لهذا ذكرًاً في إنجيل لوقا، ونجد بدلاً عنه يهوذا أخا يعقوب، فهل يمكن أن يكون كتاب موحى به من الله تختلف فيه أسماء الحواريين .. على قلة عددهم!!.
رابعا : اختلافهم في أمر عيسى - عليه السلام - بما يسمى العشاء الرباني من ذلك ما جاء في إنجيل متى 26:26 أن المسيح - عليه السلام - حين تعشى مع تلاميذه كسر لهم الخبز، وقال لهم : " خُذُوا، كُلُوا: هَذَا هُوَ جَسَدِي!" وكذلك في إنجيل مرقص 14:22 قال لهم: " خُذُوا: هَذا هُوَ جَسَدِي " أما في إنجيل لوقا 22:19 فقال : " هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم، اصنعوا هذا لذكري!" ولا شك أن المتأمل في هذه الجمل يستوقفه اختلاف المعاني بينها، ولا سيما ما جاء في إنجيل لوقا ، ففيه إشارة صريحة إلى ما يسمى بالعشاء الرباني في حين أن ما جاء في إنجيلي متى ومرقص لم يشتمل على شيء من هذا القبيل ، علما أن العشاء الرباني من الشعائر الهامة عند النصارى ، فهل لنا أن نسأل أمام هذا الاختلاف بين هذه الأناجيل، فنقول : هل أمر المسيح عليه السلام بما يسمى العشاء الرباني أم لم يأمر ؟ فإن قيل : أمر فمعنى هذا: أن متى ومرقص قد أخفيا أو أسقطا أمره ، وإن قيل: لم يأمر فمعنى هذا أن لوقا قد زاد في إنجيله .
ولما واجه أعداء السنة الدحض العلمي الثابت لمفترياتهم حول السنة تحولوا من مهاجمة السنة إلى مهاجمة صاحبها – صلى الله عليه وسلم – ومصدرها الذي أخذت عنه ، وأمر الله عباده المؤمنين باتباعه ، وجعل اتباعه دليلًا على حب الله، وشرطًا للإيمان
من كتاب دفاع عن السنة لفضيلة الاستاذ الدكتور أحمد عبده عوض الداعية والمفكر اللإسلامي

تصفح أيضا

الرحمن

الرحمن

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض