القاسم بن محمد بن أبي بكر

الرئيسية المقالات مقالات دينية

القاسم بن محمد بن أبي بكر

القاسم بن محمد بن أبي بكر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، لا يحلو النهار إلا بذكرك، ولا يحلو الليل إلا بمناجاتك ولا تحلو الدنيا إلا بعافيتك، ولا تحلو الآخرة إلا برضاك، اللهم زدنا إليك شوقا، وزدنا منك خوفا، وزدنا إليك سعيا، وزدنا إليك قبولا، واذكرنا دوما ودما في الملأ الأعلى، والصلاة والسلام على سيد الأسياد، وسيد السادات، الذي أمتع الله به أهل الأرض والسماوات، فهو أشرف أهل الأرض وأخير أهل السماء، وهو أسبق السابقين وأخير الأخيار، وعلى أهله وصحبه الكرام، الجامعة المحمدية تخرج فيها آلاف الرجال من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين وتابعي التابعين، ونلتقي الليلة بأحد التابعين من علماء المدينة من علماء الطبقة الأولى، وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر، جده أبو بكر عمته السيدة عائشة، أعمامه عبد الرحمن بن أبي بكر الذي معروف قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني نشأ في بيئة إيمانية ليس كمثلها بيئة، وكان هذا من توفيق الله له أولا أمه كانت فارسية وأسلمت ودخلت في الإسلام، وحسن إسلامها.
ثم انتقل أبوه محمد بن أبي بكر كي يكون أميرا على مصر حدث في هذه الفترة أن قتل أو استشهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين، بينما كان ينكفأ ويقرأ على المصحف فهجموا عليه رضي الله تعالى عنه كي يفطر معك يا رسول الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتى إلى سيدنا عثمان في الليلة التي استشهد فيها وقال له: أتفطر عندنا يا عثمان أم تبقى عندك في الدنيا؟ فقال: بل أفطر معك يا رسول الله، وبعد أن فارقه النبي صلى الله عليه وسلم في الرؤية بلحظات أو بلحيظات هجم عليه الهمجيون الذين أطلقوا على أنفسهم باسم الثوار وكانوا يريدون دنيا وأخذوا الدنيا، ولكنها لو طابت لغيرهم لطابت لهم.
فهو عاصر هذه الفتنة، وكان والده جزء من هذه الفتنة أصبح والده بعد مقتل سيدنا عثمان أميرا على مصر، ولكنه من نفس الكأس الذي أسقى منه عثمان شربه هو فقتل هو الآخر، فأصبح القاسم بن محمد بن أبي بكر ومعه أخته في مصر أصبح أصبحا يتيمين أبوهم كان أميرا، فقتل فأصبحوا بلا أب وبلا أم بلا راع وبلا مرعى، فأخذهم عبد الرحمن بن أبي بكر عمهم من مصر إلى المدينة فلم يجد أطيب ولا أحسن من السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها يقول القاسم فجلست عندها أفضل سنوات عمري فلم أجد أفصح منها ولم أجد أزهى منها ولم أجد أعلم منها.
وكانت السيدة عائشة أعلم علماء المدينة، وكان يقصدونها يستفتونها في كل شيء ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم هنا؟ وماذا فعل النبي هنا؟ وماذا فعل النبي هنا، وذات يوما طلبت منها أن أرى القبر المحمدي صلى الله عليه وسلم كانت السيدة عائشة هي الوحيدة المأذون لها بهذا، فدخلت وكشفت له عنه وعن سيدنا الصديق، وعن سيدنا عمر وهي تبكي بكاء شديدا، لأن الموقف كان صعبا في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى نشأ القاسم بن محمد بن أبي بكر في بيئة نورانية على رأسها السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، وكان عمه عبد الرحمن من التابعين الكبار أيضا يتعهده ويرعاه وكان عبد الرحمن كما قلت لك له منزلة عند سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي أعطى النبي صلى الله عليه وسلم سواكا طريا عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم في سكرات الموت، فقال: ناولني السواك فكان عبد الرحمن واقفا ومعه سواكا طريا، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم عاش القاسم بن محمد بن أبي بكر في المدينة.
وكان من أفقه فقهائها كان المدينة فيها تسع فقهاء هم أئمة العلم في العالم وكان أبو القاسم في مقدمتهم أول واحد فيهم طبعا البيئة التي كان يعيش فيها اتسمت أنها عاش فيها بعض الصحابة يعني التابعون بصورة عامة يأخذون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرس العلم على أبي هريرة، وعلى يدي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما على يدي الصحابة الكبار، فجمع علما لم يجمعه أحد، وكان له سبق وفضل في العلم لا يبارى، وفي الحكمة وكان من أحكم حكام وحكماء المدينة حتى قال عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه في حقه: لو خيرت أن أختار رجلا ليكون أمير للمؤمنين لاخترتك أنت في هذا الوقت في المدينة الذي شب فيه القاسم كان عمر بن عبد العزيز واليا على المدينة.
المدينة حاليا أميرها عمر وفيها بعض بقايا الصحابة وفيها أنجب التابعين وفيها من أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت بينه وبين أحد التابعين الكبار سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكان من أرق الناس ومن أفضل الناس ومن أحسن الناس حتى أنه كان يحج ذات مرة فأراد أحد السفهاء أن يختبر حلمه فتقدم إلى سالم وضربه فلم يرد عليه فضربه مرة ثانية فلم يرد عليه سالم فضربه مرة ثالثة فلم يرد عليه سالم فقال الرجل: ما وجدت أسوأ منك يعني ضربه والآخر شتمه. فقال له سالم: والله ما عرفني غيرك، يعني يقوله شتمتك في محلها . أنت صح، والله ما عرفني غيرك؛ لأنهم كانوا يحقرون أنفسهم، ولا يحبون المراء.
ذات مرة كان في المسجد القاسم بن محمد بن أبي بكر- أنا بذكر أسماء الصالحين الذين معهم؛ لأن المجتمع المتنور المهتدي ينور بعضه بعضا كان صديقه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أما سالم فقصة كبيرة جدا وحاجة مشرفة – فلما وزع القاسم الصدقات وكان موسرا فأتى إليه أحد الناس السفهاء وظل يشتمه في المسجد النبوي، فقام ابنه ليرد عن أبيه، فقال: والله ما أخذ أبي منها تمرة واحدة، فكان والده يصلي عندما قام ابنه فقال يا بني ما علمنا أن نرد على أحد فربينا يسمع الشتائم، ويستغفر ويدعو لمن شتم ولم نتربى في بيت يتعلم أن يرد على من شتم لسان حالنا {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
حياة القاسم بن محمد بن أبي بكر حياة علمية حياة جميلة حياة فيها صحبة الإيمان فيها مجالس العلم فيها مجالس التقوى فيها مجالس الإيمان كلها عبارة عن روضة من رياض الجنة، فتزامن معه أن عمر بن عبد العزيز كان أمير المدينة فكان الناس في مجتمع جميل الأمير سيدنا عمر بن عبد العزيز العلماء الكبار الناس تحبهم كما تحب سيدنا عمر، بل أكثر فكان أهل المدينة يقدمون القاسم وسالم في كل الأمور حتى أن الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في الشام لما أراد أن يجري توسعة للمسجد النبوي كان يتحتم عليه أن يقوم بهدم بيت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر لم يكن سهلا أن يمر؛ لأن الناس كلهم سيعترضون.
فأرسل إلى عمر بن عبد العزيز فقال له: إني أرى أن تقوم بتوسعة المسجد النبوي مائتي متر من كل ناحية، وتأتي على زوجات أمهات المؤمنين فتهدمها لتوسعة المكان، لكن الناس سيعترضون عليك يقول له الناس سيمنعونك فإذا استعنت بالقاسم بن محمد بن أبي بكر وسالم بن عبد الله بن عمر، فإنهما يساعدان معك في هذا الأمر بالفعل جاءه الخطاب، واستدعى الناس الكبار في المدينة واستدعى القاسم واستدعى سالما، وعرض الأمر عليهما، وفي الصباح الباكر كان القاسم بن محمد بن أبي بكر، وكان سالم بن عبد الله بن عبد الله بن عمر هما اللذان يقومان بالهدم هما اللي يشتغلوا بأيديهم ما جابوش أنفار ولا صنيعية فلما شاهد الناس الرجلين الكبيرين في المقام.
فقام الناس ففعلوا مثلما فعلوا وكان لهم ما كانوا، وكان لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من الفضل حتى أن أمير الروم الذين هم في حرب مع المسلمين أيامها في فتح القسطنطينية لما علم أن الوليد بن عبد الملك سيقوم بهذه التوسعة أرسل إليه ألف ألف دينار، ألف ألف دينار كالدولار والاسترليني وأرسل إليه ألف قطعة من الفسيفساء كالرخام، وأرسل معه ثلاثين مهندسا معماريا من أفضل معماري الروم لكي يشاركوا في توسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم ليسوا مسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بعز عزيز أو بذل ذليل) .

فلما أتوا دمشق العاصمة عاصمة الخلافة فأرسلهم إلى عمر بن عبد العزيز في المدينة فقام الروم بتوسعة مسجده صلى الله عليه وسلم {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] عاشوا لله وباعوا الدنيا واشتروا الآخرة فكان له حسن الخواتيم، عندما كان ذاهبا إلى مكة شرفها الله تعالى لكي يؤدي الحج في عام حج فيه فأدركه الموت بين مكة والمدينة، هو طبعا كان القاسم مما اتسم به أنه كان أكثر الناس شبه بجده من حيث الهيئة من حيث الكلام من حيث الأخلاق فقالوا: ما وجدنا أحدا أشبه بالصديق من القاسم فكان إذا شاهده الناس ذكرهم بالصديق رضي الله عنه، ومن تذكر الصديق تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصاحب؟ فقال: (من ذكركم بالله رؤيته، ودلكم على الله مقاله) من ذكركم بالله من غير ما يتكلم فإذا تكلم عرفكم بالله، فنادى على ابنه قبل أن يغادر الدنيا بلحيظات فقال له: يا ولدي افعل بي كما فعل جدي أبو بكر قال له ماذا أفعل يا أبي؟ قال له: كفني في نفس ملابسي هذه في قميصي يعني جلبابي وإزاري وادفني على ما مت عليه، كما فعل الصديق رضي الله تعالى عنه فعاشوا بهذه الخيرات، ولا زالت أسمائهم تتردد في مسامع الكون وفي مسامع العالم؛ لأنهم التمسوا الهدى من نور الهدى وشمس الهدى صلى الله عليه وسلم وأخذوا من أصحاب رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وثبت الله بهم الأمة. يعني لم يكن يعرض في مشكلة مدينة في المدينة مشكلة إلا ويستدعى القاسم بن محمد بن أبي بكر فيقال: هذا حفيد أبي بكر إلا ويجري الله تعالى الحكمة على لسانه {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } [البقرة: 269] .

تصفح أيضا

الوكيل

الوكيل

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض