اليقين بإبدال الله العسر يسرًا

الرئيسية المقالات مقالات دينية

اليقين بإبدال الله العسر يسرًا

اليقين بإبدال الله العسر يسرًا

وعد من الله (تبارك وتعالى) وهو لا يخلف الميعاد{فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا (5) إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6]، وإذا جاز تخلف وعود البشر وتبدل قوانينهم، فوعد الله لا يتخلف، وسنة الله لا تتبدل إنه وعد من الله -سبحانه - يتجاوز حدود الزمان والمكان، ولا يقف عند حدِّ من وما نزلت فيه الآيات.

وقد فهم من الآية الكريمة السلف الصالح هذا المعنى الواسع، فقالوا: لن يغلب عسر يسرين، وقالوا: لو كان العسر في جحر ضب لدخل عليه اليسر فأخرجه.

وسنة الله - تبارك وتعالى -: أنه حين تشتد الأزمات وتتفاقم: يأتي اليسر والفرج، أرأيت كيف فرج الله للأمة بعد الهجرة وقد عاشت قبلها أحلك الظروف وأصعبها؟ وفي الأحزاب حيث بلغت القلوب الحناجر وظن الناس بعدها الظنون، بعد ذلك كانت مقولة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي مقولة صدق: (الآن نغزوهم ولا يغزوننا) رواه أحمد. وحين مات النبي -صلى الله عليه وسلم-، وضاقت البلاد بأصحاب النبي، وارتد العرب، وأحدق الخطر: ما هي إلا أيام وزال الأمر، وتحول المسلمون إلى فاتحين لبلاد فارس والروم، وصار المرتدون بإذن الله بعد ذلك جنودًا في صفوف المؤمنين.. والعبر في التاريخ لا تنتهي.

أضف إلى ذلك: أن المسلم يشعر أن الأمور بقدر الله، وأنه - تبارك وتعالى- قد كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض، وأن قدره وقدرته فوق كل ما يريد ويكيد البشر.

وثالثة: أن الأمر قد يكون في ظاهره شرًّا، ثم تكون العاقبة خيرًا بإذن الله، أرأيت حادثة الإفك وفيها من الشناعة والبشاعة ما فيها، ومع ذلك هي بنص القرآن:{لا تَحْسَبُوهُ شَرًا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [النور: 11].

ورابعة: أن الفساد وإن كان الواجب رفضه شرعًا والسعي لدرئه، إلا أنه أحد روافد الإصلاح، وفي التاريخ عبرة: ألم يكن اجتياح التتار والمغول لبلاد الإسلام، والغزو الصليبي.. رافدًا مهمًّا من روافد يقظة الأمة ونهوضها، بعد أن وصلت إلى مرحلة شبيهة بما نحن فيه اليوم؟
فما أجدر بالصالحين اليوم أن ينظروا بعين التفاؤل، وأن ينصرفوا للعمل والجد، ويَدَعُوا عنهم اليأس والتخذيل؛ فكيد أهل الفساد في بوار، ودين الله ظاهر {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون:8].

إن المسلمين لا يتركهم يقينهم بالله، وبما جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – أن يقنطوا من رحمة ربهم في إعادة مجدهم مع كثرة عددهم، ولا يسوغ لهم إيمانهم أن يرضخوا بالذل، ويرضوا بالضيم، ويتقاعدوا عن إعلاء كلمتهم، وهم إلى الآن محفوظون مما ابتلي به كثير من الأمم، فإن لهم ملوكًا عظامًا، ولا يزال في أيديهم ملك عظيم على بسيط الأرض، وإن من الحق أن نقول: إن أبواب رحمة الله مفتحة لديهم، وما عليهم سوى أن يلجوها، وأن روح الله نافحة عليهم، وما يلزمهم سوى أن يستنشقوها، والفرص دائمًا تمد أيديها إليهم تطلب إنهاضهم وتنبه غافلهم، وتوقظ نائمهم، وليس عليهم الاسترجاع مكانتهم الأولى، والصعود إلى مقامهم الأول إلا أن يجمعوا كلمتهم، ويتعاونوا على ما يقصدون من إعزاز ملتهم، وذلك أيسر ما يكون عليهم بعد تمكن الجامعة الدينية بينهم، فأي موجب لليأس، وأي داع للقنوط، وبين أيديهم كتاب الله الناطق بأن اليأس من أوصاف الضالين؟ وهل توجد واسطة بين الرشد والغي، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ هل يكون للقانطين فيهم من عذر؟ أيرضون بالعبودية للأجانب بعد تلك السيادة العليا، ماذا يبتغون من الحياة إن كانت في ذل وإهانة وقر وفاقة وشقاء دائم بيد غدو غاشم؟ يطمئنون وهم بين أجنبي حاكم، وبغيض شامت ومقبح غبي، ومشنع دني ومعير خسيس يرمونهم بضعف العقول، ونقص الاستعداد، ويحكمون بأن محالًا عليهم أن يصيروا أمة في عداد الأمم؟


تصفح أيضا

الولي

الولي

الحق

الحق

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض