لماذا أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن نعودَ مرضانا؟

الرئيسية المقالات مقالات دينية

لماذا أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن نعودَ مرضانا؟

لماذا أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن نعودَ مرضانا؟
في هذا تخفيفًا عنهم، وتمريرًا للوقت بسرعة، فإن المريضَ يتثاقل ولا يتحرَّك، ملازم الفراشَ، والوقت يمر عليه طويلًا والليل عنده أطول من النهار والنهار عنده أطول من الليل، فيحتاج إلى مَن يجلس معه، ومن يؤانسه ويُجدد نشاطَه، ويُؤنِس وحشتَه خاصةً إذا كان قد فقد الأهلَ والزوجةَ والخِلانَ، فيحتاجَ المريضُ إلى مؤازرة نفسية، والمؤازرة النفسية هذه هي ما كان يفعله النبيُّ بنفسه صلى الله عليه وسلم، وعلمنا النبيُّ صلوات ربي وسلامه عليه التماسَ الفرَج بزيارة المريض، التماس الفرج بمعنى أن الإنسان يزور المريضَ، ويدعو للمريض، ويدعو لنفسه عند المريض، ويطلب من المريض أن يدعو له؛ فإن دعوة المريض لنفسه مستجابة بفضل الله تعالى، على أن يكون على طهارة مستقبِلًا القبلة، أو مُتيمِّمًا إذا حِيل بينه وبين الماء.
وبعد هذا فإن النبيَّ الكريم صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من باب تعليم الأمة، والجانب الآخر المعنوي المهم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نقل حديثًا قُدُسِيًّا عن رب العِزّة، والحديث في الصحيح: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي"( ).
"يا ابن آدم، مرِضْتُ [الكلام من الله الملِك] فلم تَعُدْنِي! فيقول يومَ القيامة وهذا من باب المُسائَلَة: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، يعني: أن الله يقول لعبده يوم القيامة: أنا مرِضتُ وأنت لِمَ لمْ تَزُرنِي؟ فيقول العبد: معاذ الله أن تمرضَ فأنت رب العالمين! وأنت الملك! وكيف أعودُك، وكيف آتِي لك؟! فيقول الله ربنا له: أما علِمت أن فلانًا مريض؟! قريبك أو ابنَ عمِّك؟ أو زميلك؟ أما علِمتَ أنك لو زرته لوَجَدتني عنده؟! يا الله!! الله أكبر! أما علمت أنك لو عُدتَه وذهبتَ إلى هذا المريض ودعَوتَ له ودعا لك ودعوتَ لغيرك لاستجبتُ لكم أجمعين؛ " لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ " وجدتَ رحمتي عنده، ووجدتَ كرمي وحناني عنده.
أما علِمتم؟ أن هَديَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم هَديٌ كاملٌ؛ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 3 - 10]؛ فالنبيُّ ينطقُ بالوحي، هذه واحدة، كما ينطق النبيُّ بالحق، أي: إن الرجل الذي استُطلِقَت بطنُهُ [عنده إسهال شديد، كالطفل الصغير جدًّا لا يمسك نفسه! عنده تمشِيَة أو تعنِيَة] فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " اسقِه عسلًا " لماذا لم يقُل له النبيُّ صلى الله عليه وسلم مثلًا: اسقِهِ زيتَ الزيتون أو زيت حبَّة البركة؟ وزيت الزيتون وزيت حبَّة البركة مشهوران جدًّا عندهم أي عند العرب، أو كذا أو كذا؟ ولكن خبرة النبي صلى الله عليه وسلم وحِنكتَه جعلته يختار أفضل شيءٍ للمريض، ألا وهو "عسل النحل" فذلك اختيارٌ مُوَفَّقٌ جدًّا، لماذا؟ لأن عسلَ النحل مطهِّرٌ في حد ذاته؛ هو نفسُه مطهِّرٌ، لو وضعتَه في فمه طهَّر الفمَ، وكذلك أيّ مكان حتي الجروح نفسها يطهرها، ويعالجها؛ فحين يشربه الإنسان لوجود مشكلة في الجهاز الهضمي، فإنه يُطهر الجهاز الهضمي ويُنظِّفه، ويتداوَي المريضُ، ويُعالَج. هل هناك شكٌ في هذا؟ أبدًا. لكن المريضَ كما قلتُ لك في الدرس الأول، كان شاكًّا في هذا الكلام! فكانت الفتنة التي وقع فيها أنه أنكر هديَ الله تعالى! وهَديَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم! أيضًا، كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يأمر الصحابة رضي الله عنهم أن يُغِيثوا المريضَ، وأن يسألوا عن المريض عندما يفتقدونه، كما فعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين افتقدَ ثابتَ بنَ قيسٍ رضي الله عنه وكان لا يَسمَع، كان ضعيفَ السمع، ولما نزل قولُه تعالي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] اعتقد ثابِتٌ رضي الله عنه أنها إنما نزلت فيه؛ لأنه كان يرفع صوتَه في مجلِس النبيِّ صلى الله عليه وسلم! [أبدًا].
من كتاب المعايشة النبوية لفضيلة الأستاذ الدكتور/ أحمد عبده عوض الداعية والمفكر الإسلامي

تصفح أيضا

الحكيم

الحكيم

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض