هَديُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على الصحة العامة

الرئيسية المقالات مقالات دينية

هَديُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على الصحة العامة

هَديُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على الصحة العامة

الحمد لله رب العالمين، له الجلال وله الكمال وله العظَمة وله الكبرياء، سبحان مَن سبَّحَ الرعدُ بحمده والملائكةُ من خِيفتِه، والصلاة والسلام على أسعدِ مخلوقاتك، وأشرفِ أهل أرضِكَ وسماواتك، وعلى آله الأخيار وصحابته الأبرار، وبعدُ.
في المعايشة النبوية في الدرس التاسع نعيش مع هَديِ النبيِّ الكريم في الحفاظ على الصحة العامة.
و"الصحة العامة " من مقاصد الشريعة الإسلامية وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم حريصًا على بناء البدَن، كما هو حريصٌ على تهذيب الروح وتهذيب القلب وتهذيب الأخلاق.
والصحة العامة مَقصِدٌ للشريعة الإسلامية في الحفاظ على البَدَن؛ لأن البَدن هو الذي به نعبُدُ الله سبحانه وتعالى وهو الذي به نسعى لطلب الرزق، والبَدَن هو الذي به نذكُرُ الله تعالى ونُطِيعُه ونعبُدُه جل شأنُه، ومن هنا فإن قوة المسلم أساسيةٌ كي يَعبُدَ اللهَ تعالى بتَمَكُّن وخُشوع وتركيز بدلَ أن يكون مريضًا مُهَلَّلًا في جوانبه وفي أركانه، صَحَّ عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ " وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أي إن قوة الأبدان (المؤمن القويّ) ترجع إلى كون المسلم يتزوَّد بالتقوى، ولا يستطيع أن يتزوَّدَ بالتقوى إلا إذا كان البدنُ يحملُه (سليما قويًّا)، وهَدْيُ النبيُّ الكريم في بيان أهمية الصحة؛ لأنها مغفولٌ عنها، وأنت لا تعرِفُ قيمةَ الشيءِ إلا عندما يُفقَدُ منكَ، فلا تعرف قيمةَ الحياة إلا بعد أن تَمرَضَ، ولا تعرِفُ قيمةَ العافِيةِ إلا بعد أن تُلازِمَ الفِراشِ، ولِذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم، والحديث في البُخارِي في الرقائق: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ" كما حدَّثْتُكَ الآن عن أن الناسَ ينسَوْن أو يتناسَوْن: الصحة والوقت، ولا يُدرِكون قيمةَ الوقت إلا بعد زوال العمر، والأحاديثُ كثيرةٌ في أن النبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُرشِدُنا إلى الحفاظ على أبداننا يقول صلوات ربي وسلامُه عليه والحديث في الترمذي والطبراني وابن حِبَّان، عن أبي هريرةَ رضِيَ الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ العبدُ يَوْمَ القِيَامَةِ - مِنَ النَّعِيمِ - أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ المَاءِ البَارِدِ".  الله أكبر! هذا مقامُ سؤالٍ ومقامُ توبيخٍ، ومقامُ تقريعٍ لمن يغفُلون عن قولِه تعالى {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] أي: عن الصحة؛ النعيم هنا يعني: الصحة التي أعطاها الله لك، فوجَبَ عليك أن تحفظها وأن تُحافِظَ عليها وأن تحاول أن تجلب لها أسباب الراحة من النوم المباح لا هو بالكثير ولا هو بالقليل، ومن الزاد المباح لا هو بالكثير ولا هو بالقليل أي إنك تُعطي لبدنك ما يُقِيمُ الصُّلْبَ.
 يقول النبِيُّ صلى الله عليه وسلم والحديث في الترمِذِي وابن ماجة ومُسند الإمام أحمد يقول صلى الله عليه وسلم: (سلُوا اللهَ العفوَ والعافية، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ بعد اليقين خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ).
اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
يتضِحُ إذن أن كل إنسان عليه أن يجعل من نفسه رقيبًا على نفسه في تهذيب صحته، والحفاظ على بدنه كي يبقى بدنُه قائمًا في طاعة الله عز وجل.
 وذُكِر للنبي صلى الله عليه وسلم أمرُ الرجلَيْنِ: أحدُهما عابِدٌ، والآخَرُ عالِم فقال صلى الله عليه وسلم: (فضلُ العالِم على العابِد كفضلِي على أدناكم) انظُرْ إلى فضل المجاهَدَة في طلب العلم وتبليغِ رسالة الله سبحانه وتعالى، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن تعلَّم علمًا مما يُبتَغَى به وجهُ الله لا يتعلمُه إلا ليُصيبَ به عَرَضًا من الدنيا لم يَجِدْ عَرفَ الجنة يومَ القيامة)  عرفَ الجنة: يعني ريحَها، المعنى: الذي تعلم العلمَ لأمرٍ دُنيويٍّ فإن العلم لا يرفعُهُ، فإن العلم لا يرفعُهُ، فإن العلم لا يرفعُهُ.
وقد أرجعَ الله تعالى الشفاءُ إليه سبحانه وتعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80] فإذا كان الشفاءُ من الله تعالى عند حدوث المرضِ وما على شاكِلَتِه فإن الله تعالى جعل لك بابًا تنهلُ منه العلمَ الكثير والخيرَ الوفيرَ.
والنبيُّ الكريم صلوات ربي وسلامُه عليه يُركِّز على أن الإنسان المسلم سيُسألُ عن صحته وعن عافيته يوم القيامة، وهذا أمرٌ لا محالةَ حادثٌ، يقولُ النبِيُّ الكريمُ صلى الله عليه وسلم: (... وفي كلٍّ خيرٌ) أي إن المؤمنَ في جميع الأحوال بابٌ من أبواب الخير، وبابٌ من أبواب الأمل؛ وهو صانعُ أملٍ يقول الله تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87] ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)أي: إن الإنسانَ المكروب الذي في كَربٍ مِن مرضٍ إذا دعا اللهَ تعالى، فكان دعاؤه صادقًا كان هذا شِفاءً.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزلَ الله على أحدٍ من داءٍ إلا أَنزل له شِفاءً) الله أكبر! وهذا تأكيدٌ على أن الإسلام يُراعِي الصحَّة العامة ــــ سلَّمكم الله تعالى ــــ وأن الإنسان عندما يشتدُّ عليه الكربُ فعليه أن يطرق أبواب المساعدة من الأطباء ومن غيرهم، وهذا لا يُناقِضُ التوكلَ على الله تعالى لأن التوكل على الله تعالى يكون عن يقين وعن استعدادٍ واستِمدادٍ؛ فهذا التفكير الخاطئ (عدم التداوي بحجة التوكل) تجِبُ خُلوَتُه سلَّمكم الله تعالى.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لم يجعل شِفاءَكم فيما حرَّمَ عليكم)  يعني الخَمرَ. والحقيقة الجلية التي لا خِلافَ عليها أن الإسلام يُحرِّمُ الخمرَ، ويُحرِّم الزنا، ويُحرِّمُ العادةَ السرِّيَّة وذلك لكي يبقى المسلمُ بعيدًا عن الأهواء وعن الأغراض وعن الشياطين أما الناحية اليُمنى السُّنّة: السلوك الحميد النافع) فإن فيها تسهيلًا وتثبيتًا وإقرارًا من الله تعالى لعبده المسلم الصالح ما دام يُقِيمُ على طاعةٍ لله تبارك وتعالى.
إذن علِمنا أن النبيَّ الكريم صلى الله عليه وسلم حريصٌ أشدَّ الحرص ليس فقط على جِيلٍ معيَّنٍ وإنما على كل أجيال المسلمين، وأن النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه علَّمَنا أن الهدايةَ في الشريعة مصدرها وأصلُها وأساسها هو الله تبارك وتعالى، وكان النبيُّ صلوات ربي وسلامه عليه يَحفَظُ على الناسِ دينَهم، بأنه معهم وأنه يُعايِشُهم، وأنه يتآلفُ مع مشكلاتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله. أحبابنا الكرام، على الحب التقَيْنا، وبطاعة الله تعالى نلتقِي، وفي خدمة الإسلام نعمَل ونفعَل ونجاهِد حتى نَلقَى اللهَ على اليقين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الكريم لي ولكم.
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].تعرفنا في هذا الدرس على هَديُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على الصحة العامة، ونتعرف في الدرس التالي على هدي النبي صلى الله عليه وسلمفي الماء وفي التعامل مع الماء.


تصفح أيضا

الغفور

الغفور

أخبار الطقس

SAUDI ARABIA WEATHER

مواقيت الصلاة

جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد عبده عوض